للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الخامس

في حسن سيرته

وزهده وعبادته وبعض كراماته

كان الإمام الشاطبي رحمه الله ذا أدب رفيع، وسيرة عطرة، تأدب بآداب الإسلام، وتخلق بخلق القرآن، وسلك سبيل الأئمة الأعلام.

فتسابق الناس في تكريمه، والأخذ عنه من كل صوب وحدب.

قال عنه ابن خلكان: " كان يتجنب فضول الكلام، ولا ينطق في سائر أوقاته، إلا بما تدعو إليه ضرورة، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، في هيئة حسنة وتخشع واستكانة، وكان يعتل العلة الشديدة، فلا يشتكي ولا يتأوه، وإذا سئل عن حاله- قال: العافية، لا يزيد على ذلك " (١).

وقال عنه الحافظ الذهبي: " كان موصوفا أيضا بالزهد والعبادة والانقطاع " (٢)، وقال عنه الحافظ ابن كثير: " كان دينا خاشعا ناسكا، كثير الوقار، لا يتكلم فيما لا يعنيه " (٣)، وقال السخاوي: " قال محمد بن الحسين: فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن، استعرض القرآن، فكان كالمرآة يرى بها ما حسن من فعله وما قبح منه، فما حذره مولاه حذره، وما خوفه به من عقابه خافه، وما رغبه فيه مولاه رغب فيه ورجاه، من كانت هذه صفته، أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، فكان له القرآن شاهدا وشفيعا وأنيسا وحرزا. أسأل الله عز وجل بكرمه، أن يجعل لي من هذه الأوصاف حظا، أتخلص به من تبعة القرآن، ثم قال رحمه الله: وقد كان شيخنا أبو القاسم الشاطبي رحمه الله صاحب هذه الأوصاف جميعها، وربما زاد عليها (٤).


(١) وفيات الأعيان: ٤/ ٧٢.
(٢) معرفة القراء الكبار للذهبي: ٢/ ٤٥٨.
(٣) البداية والنهاية للحافظ ابن كثير: ١٣/ ١١.
(٤) جمال القراء وكمال الإقراء ١/ ١١٩.