للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١) الشهادة بلا علم لأحد أو عليه عند القاضي أو غيره من جهات الاختصاص في الدولة أو عند أحد من الناس بدافع من حسد أو عداوة أو مراعاة لقرابة أو طمعا في مادة أو ثقة في قول المدعي أو رحمة به أو بالشهود عليه أو لغير ذلك من الأسباب. فإن التهاون في هذه الشهادة قد أصبح شيئا عاديا عند كثير من الناس حتى إنهم يشهدون لمن طلبها منهم ولو كانوا لا يعرفونه ولا يعرفون المشهود عليه. وقد لا يعلمون وجوده على قيد الحياة حقيقة - كالذين يشهدون بالنسب والوصايا ونحوها كالجنايات وحدود الأملاك، وغالب من يتجرأ على شهادة الزور الإحجام عن أداء شهادة الحق لله، ولذلك روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في مسند أحمد عن ابن مسعود مرفوعا «إن من بين يدي الساعة - فذكر أشياء - ثم قال: وظهور شهادة الزور وكتمان شهادة الحق (١)». وشهادة الزور فادحة الخطر عظيمة الضرر حيث يترتب عليها عظائم وجرائم منها:

١ - تضليل الحكام عن الحق والتسبب في الحكم بالباطل حيث إن الحكم ينبني على أمور منها البينة والشهادة من أنواعها، فإذا كانت البينة كاذبة أثرت على الحكم فكان بخلاف الحق - والتبعة على الشاهد - ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل أحدكم ألحن بحجته من الآخر فأقضي له نحو ما أسمع (٢)».

٢ - الظلم لمن شهد له بأن ساق إليه ما ليس بحق بسبب شهادة الزور فوجبت له النار لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح «من قضيت له من مال أخيه بغير حق فلا يأخذه فإنما هو قطعة من النار (٣)».


(١) فتح الباري ج ٥/ ٢٨٨.
(٢) فتح الباري ج ٥/ ٢٨٨.
(٣) فتح الباري ج ٥/ ٢٨٨.