للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧ - أثر الإسناد في نقد الحديث:

وبهذا أصبح الإسناد للحديث مثل الأساس للبناء. واستقر في الأذهان أنه لا يمكن تصور الحديث بدون الإسناد، كما لا يمكن أن يتصور البنيان بدون الأساس، والجسم بدون الروح.

فأصبح الحديث عبارة عن جزئين: الإسناد، والمتن. فإذا كان المتن واحدا وله إسنادان، فهما حديثان في اصطلاح المحدثين، والحديث الذي ليس له سند ليس بشيء. ولذلك اشتهر بين المحدثين: أن السند للخبر كالنسب للمرء. وجعله عبد الله بن المبارك من الدين فقال: " الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي (أي ساكتا) (١). فكلما تقدم الزمن، وازداد الخلل، اشتد نظام المراقبة، واشتد نظام الإسناد.

وفي ضوء ما وصل إلينا من جهود المحدثين بصدد الإسناد وتهذيبه وتقييد قواعده، وتأصيل أصوله، يمكنني أن أذكر بعض آثار السند في نقد الحديث وتنقيحه، وتمييز الصحيح من المكذوب والموصول من المنقطع، والمرفوع من الموقوف والمرسل، فأقول:


(١) الكفاية / ٥٦، ٥٧.