صنفان من الناس يصعب الكتابة عنهم: الذين لهم ثروة عظيمة من الأعمال العظيمة، والذين لم يصنعوا شيئا في حياتهم له قيمة مادية أو معنوية. والصعوبة في الصنف الأول الحيرة في انتقاء الأعمال التي يمكن أن توصف، والصعوبة في الصنف الثاني الحيرة في إخفاء الخواء الذي لا يمكن أن يعرف.
وأبو موسى من الصنف الأول الذي تتسم كل حياته بالورع، فما يدري الذي يكتب سيرته ما يأخذ وما يدع، وقد حسبت أن أبسط فقرة من فقرات سيرته هي الحديث عن ورعه، ولكنني احترت حين وصلت هذه الفقرة لتزاحم أعماله التي كانت نتيجة من نتائج ورعه، فما أدري ما أغفل ولا أدري ما أسجل.
لقد كان أبو موسى بعد إسلامه وإقباله على تعلم القرآن الكريم، معلما للقرآن الكريم وللفقه الإسلامي، وظل معلما وهو أمير ومجاهد وقائد، لم