للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السادس: الصفة السادسة: الخوف والجبن:

المنافق لا يؤمن بالله حقيقة، فلا يقاتل في سبيله يرجو النصر أو الشهادة، بل يقاتل تعذيرا يستر كفره ليأمن من العقاب، ويطمع في الغنائم، فهو يحب الدنيا وملذاتها ويكره الموت، ولهذا كان من صفاته إذا جاءت الحرب الخوف والجبن، قال تعالى واصفا حالهم في غزوة الخندق: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} (١) {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (٢) {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} (٣)، أي أن هؤلاء المنافقين إذا جاءت الحرب ظهرت علامات الخوف بادية على وجوههم تدور أعينهم. فهم عند الناس جبناء إذا حضر القتال هابوا الهلاك هيبة من لا يرجو ما بعده.

ثم بين سبحانه أنهم يظنون أن القبائل التي تجمعت لغزو


(١) سورة الأحزاب الآية ١٨
(٢) سورة الأحزاب الآية ١٩
(٣) سورة الأحزاب الآية ٢٠