للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: نصوص من القرآن والسنة يرجع إليها في الحكم بالربا

عند تحقيق المناط، والتطبيق على الجزئيات

١ - نصوص من القرآن معها تفسيرها: (أ) قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسير آيات الأحكام:

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (١) إلى قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢).

قال أبو بكر: أصل الربا في اللغة هو الزيادة، ومنه الرابية لزيادتها على ما حولها من الأرض، ومنه الربوة من الأرض وهي المرتفعة، ومنه قولهم أربى فلان في القول أو الفعل إذا زاد عليه.

وهو في الشرع يقع على معان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة، ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى النساء ربا في حديث أسامة بن زياد؛ فقال: «إنما الربا في النسيئة (٣)» وقال عمر بن الخطاب: إن من الربا أبوابا لا تخفى، منها السلم في السن يعني الحيوان. وقال عمر أيضا: إن آية الربا من آخر ما نزل من القرآن وإن النبي صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يبينه لنا فدعوا الربا والريبة.

فثبت بذلك أن الربا قد صار اسما شرعيا لأن لو كان باقيا على حكمه في أصل اللغة لما خفي على عمر لأنه كان عالما بأسماء اللغة لأنه من أهلها، ويدل عليه أن العرب لم تكن تعرف بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نساء ربا، وهو ربا في الشرع، وإذا كان ذلك على ما وصفنا صار بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة إلى البيان وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة نحو الصلاة والصوم والزكاة فهو مفتقر إلى البيان، ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شيء من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم من مراد الله بالآية نصا وتوقيفا، ومنه ما بينه


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٦)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٨١)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨٠).