حكم الدعوى: ولبيان حكم دفع الدعوى جملة اعتبارات هي: حكمه باعتبار مشروعيته، وحكمه باعتبار الأثر المترتب على صحته أو عدمها، وحكمه باعتبار الأثر المترتب على ثبوته أو عدمه.
أ - حكم دفع الدعوى باعتبار مشروعيته: لا خلاف بين الفقهاء في سماع جواب المدعى عليه بدفع صحيح، كقوله: إنه - أي المدعى عليه - اشترى العين من المدعي، أو أن المدعي وهبها، أو أي سبب شرعي لانتقالها إلى يده أو أنه قضى الدين المدعى به. وما اتفق الفقهاء على سماعه، فإنهم متفقون - بالضرورة على مشروعيته.
أما مستند اتفاق الفقهاء - رحمهم الله - على مشروعية دعوى الدفع، فلم يذكروا - رحمهم الله - مستندا نصيا لذلك، وحيث لم يذكروا نصا، فإن المصلحة المرسلة هي الأصل في مشروعية كل حكم لم يرد به نص. إلا أننا بالرجوع إلى أقضية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا نعدم نصا دالا على مشروعية دعوى الدفع ومن ذلك:
١ - ما رواه خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه إلى منزله ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي، وأبطأ الأعرابي بالفرس، فطفق رجال يعترضون الأعرابي يساومونه الفرس، لا يشعرون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتاعه، فنادى الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم - حين سمع نداء الأعرابي فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فقال الأعرابي: لا، والله ما بعته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلي قد ابتعته منك، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدا، فقال خزيمة: أنا أشهد أنك بايعته، فأقبل النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: بم تشهد؟ قال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادة خزيمة شهادة رجلين (١)». أخرجه أبو داود والنسائي.
(١) سنن النسائي البيوع (٤٦٤٧)، سنن أبو داود الأقضية (٣٦٠٧).