ووجه الدلالة - في هذا الحديث - أن الأعرابي يدعي ملكية الفرس محل النزاع، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر ما يدعيه الأعرابي، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - دفع دعوى الأعرابي بدعوى مقابلة وهي انتقال الفرس إليه - صلى الله عليه وسلم - بطريق الشراء من الأعرابي، وقد أنكر الأعرابي دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أثبت - صلى الله عليه وسلم - صحة دفعه بشهادة خزيمة - رضي الله عنه، وهذا ما يعرف بدفع الدعوى.
٢ - ما رواه معمر عن الزهري أو قتادة أو كليهما: «أن يهوديا جاء يتقاضى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قضيتك. قال اليهودي: بينتك، قال: فجاء خزيمة الأنصاري فقال: أنا أشهد أنه قد قضاك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدريك؟ قال: إني أصدقك بأعظم من ذلك - أصدقك بخبر السماء، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته بشهادة رجلين (١)».
ووجه الدلالة: أن المدعي - في هذا الحديث هو اليهودي، والمدعى عليه هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك فلم تطلب البينة من اليهودي عملا بقاعدة:" البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " وقاعدة: " بينة الخارج مقدمة على بينة الداخل "؛ وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر دعوى اليهودي، كما لم يقر ببقاء الحق في ذمته - صلى الله عليه وسلم - ولكنه - صلى الله عليه وسلم - دفع دعوى اليهودي بدعوى أخرى ناسخة لدعوى اليهودي، وهي أداؤه - صلى الله عليه وسلم - الحق الذي في ذمته لليهودي، التي شهد بصحتها خزيمة رضي الله عنه - وهذا هو معنى دفع الدعوى في صورته المتفق عليها بين الفقهاء.
(١) انظر تحقيق أقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحقيق الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي، وقال المحقق ذكره عبد الرزاق في مصنفه (٨ - ٣٦٧)