الإمام العالم الثقة الحافظ شيخ القراء حجة المحدثين أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي سعيد بن يحيى بن علي بن حجاج الدبيثي ثم الواسطي الشافعي المعدل صاحب التصانيف.
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وسمع من أبي طالب الكتاني، وهبة الله بن قسام، وعدة بواسط بعد سنة سبعين.
وتلا بالعشر على خطيب شافيا وابن الباقلاني صاحبي أبي العز القلانسي. وسمع ببغداد من أبي الفتح ب شاتيل، وعبد المنعم بن الفراوي، إذ حج، ونصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وأبي العلاء بن عقيل وطبقتهم، وينزل إلى أن يروي عن أصحاب أبي الوقت وأبي الفتح بن البطي.
وتلا بالروايات على جماعة، وتفقه على أبي الحسن البوقي. وقرأ العربية والأصول والخلاف وعني بالحديث وبالغ، وكتب العالي والنازل، وصنف تاريخا كبيرا لواسط وذيل على تاريخ بغداد المذيل لابن السمعاني على تاريخ الخطيب، وعمل المعجم لنفسه، وخرج لغير واحد، وكان مشرف الأوقاف، ومن كبراء العدول، ثم استعفى من العدالة ضجرا من كلفتها، فإن العدالة ببغداد كانت منصبا ورتبة كبيرة وإذا عزل الرجل منها لا يفسق، ثم لازم العلم والإقراء والتسميع.
قال الحافظ محب الدين بن النجار: سكن أبو عبد الله بغداد، وحدث بتصانيفه، وقل أن جمع شيئا إلا وأكثره على ذهنه، وله معرفة بالحديث والأدب والشعر، وهو سخي بكتبه وأصوله، صحبته عدة سنين فما رأيت منه إلا الجميل والديانة وحسن الطريقة، وما رأت عيناي مثله في حفظ السير والتواريخ وأيام الناس رحمه الله.
قلت: حدث عنه ابن النجار، وأبو بكر بن نقطة، وأبو عبد الله البرزالي، والمؤرخ علي بن محمد الكازروني، وعز الدين أحمد الفاروثي الواعظ، وجمال الدين الشريشي المفسر، وتاج الدين علي بن أحمد الغرافي وآخرون.
وقد سمع منه من شيوخه المحدث أحمد بن طارق، وأبو طالب بن عبد السميع.