وسئل سحنون: أيسع العالم أن يقول: لا أدري فيما يدري؟ قال: أما ما فيه كتاب أو سنة ثابتة فلا، وأما ما كان من هذا الرأي، فإنه يسعه ذلك، لأنه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ.
قال الحافظ أحمد بن خالد: كان محمد بن وضاح لا يفضل أحدا ممن لقي على سحنون في الفقه وبدقيق المسائل.
وعن سحنون قال: أكل بالمسكنة، ولا أكل بالعلم. محب الدنيا أعمى، لم ينوره العلم. ما أقبح بالعالم أن يأتي الأمراء، والله ما دخلت على السلطان إلا وإذا خرجت حاسبت نفسي، فوجدت عليها الدرك، وأنتم ترون مخالفتي لهواه، وما ألقاه به من الغلظة، والله ما أخذت، ولا لبست لهم ثوبا.
وعن سحنون قال: كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو تكلم بها لانتفع بها خلق كثير، فيحبسها، ولا يتكلم بها مخافة المباهاة. وكان إذا أعجبه الصمت تكلم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علما.
وعنه قال: أنا أحفظ مسائل فيها ثمانية أقاويل من ثمانية أئمة، فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب؟.
وقيل: إن زيادة الله الأمير بعث يسأل سحنونا عن مسألة، فلم يجبه، فقال له محمد بن عبدوس: اخرج من بلد القوم، أمس ترجع عن الصلاة خلف قاضيهم، واليوم لا تجيبهم؟!. قال: أفأجيب من يريد أن يتفكه، يريد أن يأخذ قولي وقول غيري، ولو كان شيئا يقصد به الدين لأجبته.
وعنه قال: ما وجدت من باع آخرته بدنيا غيره إلا المفتي.
وعن عبد الجبار بن خالد قال: كنا نسمع من سحنون بقريته، فصلى الصبح، وخرج، وعلى كتفه محراث، وبين يديه زوج بقر. فقال لنا: حم الغلام البارحة، فأنا أحرث اليوم عنه، وأجيئكم. فقلت: أنا أحرث عنك، فقرب إلي غداءه، خبز شعير وزيتا.
وعن إسماعيل بن إبراهيم قال: دخلت على سحنون، وهو يومئذ قاض، وفي عنقه تسبيح يسبح به.
وعن أبي داود العطار قال: باع سحنون زيتونا له بثمانمائة، فدفعها إلي، ففرقتها عنه صدقة.