للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب، والسنة، وإجماع العلماء في اجتهاداتهم، وتنزيل النوازل والقضايا عليها، ولما كانت النصوص متناهية، والحوادث متجددة، استدلوا بالقياس فيما ليس فيه نص، وقاموا بالتخريج على القواعد العامة المستفادة من مجموع النصوص في جميع الأحوال، وغير ذلك من الأدلة التي لا تخرج في حقيقتها، ولا تتعارض مع جوهر الشريعة الإسلامية ونصوصها، ومقاصدها التي تدل عليها التعليلات المنصوصة.

كل حركة اجتهادية، أو تقنينية من أي مجتهد أو مقنن في أي عصر أو زمان يجب أن لا تخرج عن دائرة الكتاب والسنة، وأن لا تعارض نصا من نصوصها، أو أصلا من أصولها، وإلا كان اجتهادا فاسدا، وعملا مردودا باطلا.

ثانيا: أن التحاكم أمر مرتبط بالإيمان بما أنزل الله، وهو أمر كما يشمل الخصوم يشمل الحكام والقضاة أيضا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (١) و {هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٢)، فليس في الإسلام قضاء ديني يخضع لأحكام الشريعة، وقضاء آخر مدني أو زمني يخضع لأحكام وضعية مخالفة، كما هو عند أصحاب الديانات الأخرى، وقلدهم في ذلك بعض أبناء هذا الزمن ممن ينتسبون للإسلام، بل كل القضاء في كافة الأمور والأحوال يجب أن يستند إلى الحكم الشرعي المبلغ من عند الله على لسان رسوله محمد بن عبد الله وأن الاحتكام إلى خلافه مناف لعقيدة الإيمان، بل قد يكون مخرجا لصاحبه عن دائرة الإسلام، إذ لا يتفق مع صحة الإيمان أن يرى مؤمن أن ما فكر فيه بشر مثله أحكم وأصلح مما قضى به رب العالمين {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٣).


(١) سورة المائدة الآية ٤٤
(٢) سورة المائدة الآية ٤٧
(٣) سورة المائدة الآية ٥٠