للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات؟!» (١).

ومما يدل على عظم مكانتها أن الله سبحانه وتعالى تولاها بنفسه، قال – عز من قائل -: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} (٢)، كما كان الرسول المصطفى – صلى الله عليه وسلم – يتولى هذا المنصب في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته عليه الصلاة والسلام (٣)، ثم تولى زمام ذلك بعده صحابته الأخيار؛ فقد كان جملة منهم ممن توارد على هذا المنصب العظيم لا سيما الخلفاء الأربعة وغيرهم ممن اشتهر بالعلم، وقد عد العلامة ابن القيم منهم عددا كبيرا، رضي الله عنهم وأرضاهم (٤)، ومع اهتمام السلف بالفتوى وتواردهم على حلائبها فقد كانوا رضي الله عنهم ورحمهم يتهيبونها، ويودون أن لو كفوا مؤونتها، كما قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: «أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم – ما منهم من محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث،


(١) «إعلام الموقعين» (١/ ١٠).
(٢) سورة النساء الآية ١٧٦
(٣) «إعلام الموقعين» (١/ ١١).
(٤) ينظر: «المصدر السابق» (١/ ١٢ – ١٤).