وهذه الأسباب التي دعت المتقدمين إلى ذلك لم تعد موجودة اليوم، فإن كثيرا من الدارسين لعلوم الشريعة، بل ولعلم الحديث خاصة، يصعب عليهم معرفة موضع حديث قرءوه، وفي أي كتاب أو أي باب يوجد، فكيف بغيرهم؟.
وإن كان من الأسباب السابقة حث الطلبة على الرجوع إلى المصادر الأصلية، وعدم هجرها وإغفالها من طلبة التخصصات الأخرى، فإن في الإحالة إليها اليوم حثا للطلبة والقراء على الرجوع إليها، وترك هذه الإحالة سيؤدي قطعا إلى هجر تلك الكتب، لفتور الهمم، ولجهل الكثير بطريقة تبويب تلك المصنفات، مما يزهدهم في الجوع إليها.
والجواب عن الشطر الثاني: أننا لم نعب على السابقين من الفقهاء - مثلا - عدم إحالتهم إلى معجم لغوي حينما يعرفون كلمة في اللغة، بينما لا نكتفي الآن من فقيه معاصر أن يفعل ذلك دون أن يسندها إلى كتاب في اللغة. وذلك لتوفر المصادر - الآن - وكثرتها وانتشارها، وسهولة الحصول عليها، بالاقتناء أو الاستعارة، أو بطرق الاتصالات الحديثة كالفاكس وغيره، فهذه الإمكانات لم تكن موجودة سابقا. كذلك نعيب الآن أن يحيل كاتب علمي حديثا على غير كتب السنة، بينما قبل هذا الفعل من عالم متقدم.
أضيف إلى ذلك أن طرق كتابة البحوث العلمية وتوثيقها أصبحت تدرس الآن في الجامعات والمعاهد، كما أجمع أرباب العلوم على ضرورة التزامها في البحوث العلمية، بينما لم يكن ذلك في السابق.
أهمية بيان مرتبة الحديث:
هناك أمر ينبعي أن يتنبه له طلبة العلم، وهو أن كتب الأدب والتاريخ