والمناقب مرتع خصب للأحاديث الضعيفة والواهية، بل والموضوعة، والتي لا أصل لها. فيخشى على من ينقل الأحاديث منها أن يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (١)».
كما أن الأحاديث الواردة في كتب الفقه، والتفسير، والعقائد، والسيرة، والشمائل، ليست كلها على درجة واحدة من القبول، ففيها أيضا الضعيف، والواهي، بل الموضوع، إلى جانب الأحاديث الصحيحة والحسنة - لا سيما في كتب التفسير والشمائل - لذا ينبغي عدم الركون إليها، وعدم الاكتفاء بورود الحديث فيها.
ولا أعني بذلك أن كتب السنة خالية من تلك الأنواع، فهي موجودة في كتب المسانيد، والمصنفات، والمعاجم، وكتب الزهد والرقائق، والفضائل وغيرها، غير أنها موجودة في كتب السنة الأصلية بأسانيدها، بحيث يتاح الحكم عليها بعد دراسة رجال الإسناد، بينما هي في أغلب تلك الكتب مجردة عن الأسانيد.
ويظن بعض المحدثين أنه عندما يوثق حديثه بقوله: رواه الطبراني، أو رواه أحمد في المسند - وسواء أذكر الجزء والصفحة أم لا - قد أدى مهمته، وبرئت ذمته. وقد يظن بعض القراء أن إحالة المؤلف إلى تلك الكتب يدل على قبول ذلك الحديث عند أهله، وما نشأ ذلك الوهم والظن إلا من عدم معرفتهم أن وجود الحديث في كتاب محدث - مهما تعل
(١) أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص في كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ٤/ ٢٠٧. وتمام الحديث: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي معتمدا فليتبوأ مقعده من النار). وأخرجه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل، ٥/ ٣٩ رقم الحديث ٢٦٦٩. ورواه الدارمي في المقدمة، باب البلاغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعليم السنن ١/ ١٣٦. والإمام أحمد في مسنده ٢/ ١٥٩ - ٢٠٢ - ١٤.