فالله سبحانه - إذا - ينزل إلى سماء الدنيا، كل ليلة، إذا مضى ثلثها، هذه حقيقة، ولكن هل ثمة حدود لسماء الدنيا؟ وهل يستطيع علماء الفلك - بما أوتوا من علم، وبما توفر لديهم من أجهزة متقدمة وفائقة الحساسية، هل يستطيعون أن يكشفوا لنا عن حدود كل سماء من السماوات السبع التي ذكرها القرآن الكريم، خبرا علميا كونيا صادرا عن الله الخالق؟ وهل يمكن تحديد أو تكييف النزول الإلهي؟ وهل قوانين هذا النزول الإلهي هي بعينها قوانين ومعايير الحركة، أو الكيفية التي تحدث من قبل البشر أو غيرهم من الحوادث؟ وإذا عجزنا عن التكييف، وإذا عجزنا عجزا تاما - كذلك - حتى عن مطلق التخييل، أو التصور للهيئة أو للكيفية التي يكون عليها النزول الإلهي، فهل يكون هذا العجز الطبيعي، ذريعة إلى إنكار ما ثبت في الإخبار العلمي عن الخالق؟ وهل يكون في إثبات هذه الصفة، أو هذا الفعل " الإلهي شيء من التمثيل أو من التشبيه لله تعالى عن ذلك؟! إنني أعتقد أن ما قاله: " إسحاق بن إبراهيم " في النص السابق كان ذا دلالة بالغة، تكشف عن دوافع أو لنقل ركائز، أو أسس موقف أهل السنة من قضية الصفات، وكيف أنهم أثبتوا ما وردت به النصوص، كما ذكرنا؛ ذلك أنهم كانوا يعلمون علم اليقين - كما قال إسحاق -: أنه (لا يجوز الخوض في أمر الله، كما يجوز الخوض في أمر المخلوقين، ولا يجوز أن يتوهم على الله بصفاته وفعاله، بفهم ما يجوز التفكر والنظر فيه من أمر المخلوقين ".
وهذا الموقف يتطلب منا أن نتلقى بالقبول، والرضا، واليقين، والمهابة، والإجلال، كل الأخبار العلمية، بما يتصف به سبحانه من صفات، وما يتسمى به - جل جلاله - من أسماء، طالما أنها جاءت عن طريق المصدرين الموثقين، وهما الكتاب والسنة. فليصف الله سبحانه نفسه بما شاء، وليسم نفسه - سبحانه - بما شاء، وعلينا أن نؤمن بهذا كله إيمانا صادقا، بل علينا أن نعلمه علم اليقين، في حدود قدراتنا،