للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قام).

وعليه يكون قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} (١)، وقوله: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} (٢)، وقوله: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} (٣)، وقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} (٤)، وغير ذلك من الآيات التي فيها ذكر فعله سبحانه، إنما تكون كلها - بحسب مفهومها - مجازا.

قالوا: (وكذلك أفعال الله سبحانه، نحو: (خلق السماوات والأرض) وما كان مثله، ألا ترى أنه عز اسمه، لم يكن بذلك خلق أفعالنا، ولو كان خالقا حقيقة لا محالة، لكان خالق الكفر والعدوان وغيرهما من أفعالنا، ألا ترى أن قولك: (ضربت عمرا) مجاز؛ لأنك إنما فعلت بعض الضرب، لا جميعه، ألا تراك تقول ذلك، ولعلك إنما ضربت يده، أو أصبعه، أو ناحية من نواحي جسده؛ ولهذا إذا احتاط الإنسان جاء ببدل البعض، وقال: ضربت زيدا رأسه. .) (٥).

قلت: وبذلك تصبح جميع ألفاظ الكتاب العزيز وكلام المصطفى - عليه الصلاة والسلام - مجازات، لا تدل على حقائقها


(١) سورة التوبة الآية ٣٣
(٢) سورة البقرة الآية ٢١٣
(٣) سورة العنكبوت الآية ٤٤
(٤) سورة آل عمران الآية ٦
(٥) هذا الكلام قاله ابن جني، ونقله عنه ابن القيم في "مختصر الصواعق المرسلة" (٢/ ٧٦ - ٧٧).