للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كل واد بنو سعد، ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة؟ وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن سرت يوما ساءت دهرا، وإن متعت قليلا منعت طويلا، وما ملأت دارا خيرة إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور. قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لكل فرحة ترحة، وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا)، وقال ابن سيرين: (ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء) (١).

ويقول الماوردي: ومن تسهيل المصائب أن يعلم العبد أن النعم زائرة، وأنها لا محالة زائلة، وأن السرور بها إذا أقبلت مشوب بالحذر من فراقها إذا أدبرت، وأنها لا تفرح بإقبالها فرحا حتى تعقب بفراقها ترحا، فعلى قدر السرور يكون الحزن. وقد قيل في منثور الحكم: المفروح به هو المحزون عليه، وقيل: من بلغ غاية ما يحب فليتوقع غاية ما يكره، وقال بعض الحكماء: من علم أن كل نائبة إلى انقضاء حسن عزاؤه عند نزول البلاء (٢).


(١) زاد المعاد، ج ٤ ص ١٩٥
(٢) أدب الدنيا والدين، ص ٢٨٣