للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو كتب الإحسان في الولاية على كل شيء فيكون المكتوب عليه غير مذكور وإنما المذكور المحسن إليه، ولفظ الكتابة يقتضي الوجوب عند أكثر الفقهاء والأصوليين خلافا لبعضهم، وإنما استعمال لفظة الكتابة في القرآن فيما هو واجب حتم. . وأخذ رحمه الله في التفصيلات الأصولية إلى أن قال: وحينئذ فهذا الحديث نص في وجوب الإحسان، وقد أمر الله تعالى به فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (١) وقال: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٢) ثم قال: وهذا الحديث يدل على وجوب الإحسان في كل شيء من الأعمال لكن إحسان كل شيء بحسبه. . إلى أن قال:

والإحسان الواجب في معاملة الخلق ومعاشرتهم، القيام بما أوجب الله من حقوق ذلك الواجب في ولاية الخلق وسياستهم القيام بواجبات الولاية كلها. . والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب - إزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها وأرجاها من غير زيادة في التعذيب فإنه إيلام لا حاجة إليه.

أقول: - القائل كاتب هذا البحث- والرفق بالحيوان والدواب وعدم ظلمه أو تعذيبه أو تحميله فوق طاقته أو تجويعه هو عين الإحسان الذي أوجبه الخالق سبحانه وتعالى، ولذلك فقد أمر عليه الصلاة والسلام بإحسان هيئة الذبح وهيئة القتل، وهذا يدل على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يباح إزهاقها على أسهل الوجوه: يقول ابن رجب أيضا: وقد حكى ابن حزم الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة- أقول: وفي هذا دلالة أيضا على وجوب الرفق بالحيوان حتى في حالة إزهاق روحه، وقال ابن رجب أيضا: وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن صبر البهائم (٣)» وهو أن تحبس البهيمة ثم تضرب بالنبل ونحوه حتى تموت، ففي الصحيحين عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصبر البهائم (٤)» وفيهما أيضا «عن ابن عمر أنه مر بقوم نصبوا دجاجة يرمونها فقال ابن عمر من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعن من فعل هذا (٥)» " وخرج مسلم من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى أن يتخذ شيء فيه الروح غرضا، (٦)» والغرض هو الذي يرمى بالسهام، فيه،


(١) سورة النحل الآية ٩٠
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٥
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥١٣)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٦)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٩)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨١٦)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٧١).
(٤) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥١٣)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٦)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٩)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨١٦)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٧١).
(٥) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥١٥)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٨)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٠٣)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٣).
(٦) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٧)، سنن الترمذي الأطعمة (١٤٧٥)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤٣)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٩٧).