للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعملا، بمقارنته بين آلهتهم التي أشركوها مع الله، في عمل لم ينزل الله به سلطانا، وبين الرابطة مع الله الذي تطمئن بذكره القلوب، وترتاح بالتوكل عليه هواجس النفس، بحيث تبتعد عن المؤثرات عليها. جاء الوصف لذلك بأن هذه حجة قوية على قومه، حيث لم يجدوا لذلك جوابا؛ إذ لا شك أن الأمن مع الإيمان بالله، وراحة الضمير مع عقيدة الوحدانية به سبحانه فقال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (١) والإيمان الذي تطمئن به القلوب، وترتاح به النفوس، يدخل في كل شأن من شئون الإنسان، فالأعمال لا بد أن تنبثق عن الإيمان وترتبط به؛ لأن الإيمان بالنسبة للعمل بمثابة المرشح للماء، فالمرشح يصفي الماء، ويمسك الرواسب فيه، فلا يخرج إلا ماء صافيا، ونقيا صالحا للشرب، يحافظ على الصحة.

وكذلك الإيمان بالنسبة للأعمال قد أوضحه القرآن الكريم، والسنة المطهرة؛ لأن الأعمال الصالحة مهما كانت والخصال الحميدة التي ترنو إليها الأفئدة، ونقاوة النفس من الموبقات والمحظورات، كل ذلك ثمرة الإيمان، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (٢)».

فإذا كان إماطة الأذى عن طريق الناس حتى لا يؤذيهم إذا مروا به أو وقعت عليها أقدامهم وهو من أبسط الأعمال، يعتبر من الإيمان الذي يطمئن القلوب، لوجود رابطة تضم شمل المؤمنين. وعاطفة تجعل بعضهم يهتم بالآخرين، ولو في الشيء البسيط من الأعمال والأقوال.

فإن دين الإسلام كما هي نصوص تعليماته، تتمكن فيه عقيدة الإيمان


(١) سورة الأنعام الآية ٨٣
(٢) رواه مسلم.