للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي كثيرا ما تقوم بين العمال وأرباب العمل، وتحل محلها المحبة والوئام. وبهذا تتحقق مصلحة المجتمع ويعم الرخاء.

والإسلام في هذا قد سبق المنظمات العمالية والهيئات الدولية التي تزعم أنها تحمي حقوق الإنسان والتي أشارت في المادة الثالثة والعشرين من وثيقة إعلان حقوق الإنسان الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة على " ضرورة جعل الأجور عادلة تكفي معيشة العامل وعائلته بصورة كريمة لائقة بالإنسان ".

فالإسلام قد سبقها إلى ذلك في صورة لم يعرف لها العصر الحديث مثيلا حيث قدر أن للعامل جميع متطلبات الحياة الإنسانية الأساسية، فقد قال المستورد بن شداد بن عمرو: سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن كان لنا عامل فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا (١)».

وعلى ضوء هذا الحديث يمكن أن نقدر أجور العمال في إطار مطالب الحياة الرئيسية.

فأين هذا من تلك النظريات الاقتصادية التي تنادي بجعل الأجور على حد الكفاف، أو تربطها بالإنتاج الذي يؤدي إلى الجهالة والغرر، ويفضي إلى الشقاق بين العامل ورب العمل.

فصلى الله على محمد ما أرحمه بأمته وأرأفه بهم! وصدق الله تعالى حيث يقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢).

* * *


(١) سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٢٩).
(٢) سورة التوبة الآية ١٢٨