للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحاربين ولا قوة إلا بالله. وما في النوازل من قوله: عشر نسوة قطعن الطريق فقتلن وأخذن المال قتلن وضمن المال بناء على غير الظاهر من أنهن لسن محاربات؛ وعلله بأن المرأة إذا قاتلت العدو وأسرت لم تقتل، وإنما قتلن بقتلهن، والضمان لأخذهن المال.

ويثبت قطع الطريق بالإقرار مرة واحدة. وأبو يوسف شرط مرتين كقوله في السرقة الصغرى، ويقبل رجوع القاطع كما في السرقة الصغرى، فيسقط الحد ويؤخذ بالمال، إن كان أقر به معه، وبالبينة بشهادة اثنين على معاينة القطع أو الإقرار. فلو شهد أحدهما بالمعاينة والآخر على إقرارهم به لا يقبل.

ولا يقبل الشهادة بالقطع على أب الشاهد وإن علا، وابنه وإن سفل، ولو قالا: قطعوا علينا وعلى أصحابنا وأخذوا مالنا لا يقبل؛ لأنهما شهدا لأنفسهما. ولو شهدوا أنهم قطعوا على رجل من عرض الناس وله ولي يعرف أو لا يعرف لا يقيم الحد عليهم إلا بمحضر من الخصم، ولو قطعوا في دار الحرب على تجار مستأمنين أو في دار الإسلام في موضع غلب عليه أهل البغي، ثم أتي بهم إلى الإمام لا يمضي عليهم الحد؛ لأنهم باشروا السبب حين لم يكونوا تحت يده، وفي موضع لا يجري به حكمه فلم ينعقد فعلهم موجبا عليه الإقامة عليهم فلا يفعله، ومثله تقدم في الزنا في دار الحرب.

ولو رفعوا إلى قاض يرى تضمينهم المال فضمنهم وسلمهم إلى أولياء القود فصالحوهم على الديات ثم رفعوا بعد زمان إلى قاض آخر لم يقم عليهم الحد، إما لتقادم العهد - وفيه نظر - أو لعدم الخصم، وقد سقط خصومتهم بما وصل إليهم، أو لقضاء الأول فيتم بذلك لنفاذه؛ إذ هو في فصل مجتهد فيه من تقرر الضمان.

وإذا قضى القاضي عليهم بالقتل وحبسهم لذلك، فذهب أجنبي فقتلهم لا شيء عليه. وكذا لو قطع يده؛ لأنه لما سقطت حرمة نفسه سقطت حرمة أطرافه، ولو قتله قبل الثبوت عليه ثم قامت البينة بقطع للطريق اقتص منه؛ لأنه قتل نفسا معصومة ثم لا يقضي القاضي بحل دمه بهذه البينة بعدما قتل؛ لفوات المحل، فوجود هذه البينة كعدمها إلا أن يكون القاتل ولي الذي قتله القاطع في قطع الطريق، فلا يلزمه شيء لظهور أنه استوفى حق نفسه، ولو أن لصوصا أخذوا متاع قوم، فاستعانوا بقوم وخرجوا في طلبهم، إن كان أرباب المتاع معهم حل قتالهم، وكذا إذا غابوا والخارجون يعرفون مكانهم ويقدرون على رد المتاع.