للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتلوا لزم القصاص وأحكامه، وإن أخذوا مالا ضمنوه إذا أتلفوه، وعلى تقدير أنهم قطاع إن قتلوا قتلوا حدا؛ فلا يقبل عفو الأولياء فيهم، ثم لا يضمنون على ما سمعت، وقوله لما بينا أي من قوله لظهور حق العبد عند اندفاع الحد.

قوله: ومن خنق رجلا حتى قتله لزمته الدية على عاقلته عند أبي حنيفة، وهي مسألة القتل بالمثقل. وسنبينه - إن شاء الله تعالى - في الديات، وظاهر أنها ليست مسألة المثقل، وإنما المعنى أنها مثلها في ثبوت الشبهة عنده في العمد، حيث كانت الآلة فيها قصور يوجب التردد في أنه قصد قتله بهذا الفعل أو قصد المبالغة في إيلامه، وإدخال الضرر على نفسه، فأنفق موته وعدم احتماله لذلك، فإن خنق غير مرة قتل الآن؛ لأنه ظهر قصده إلى القتل بالتخنيق حيث عرف إفضاؤه إلى القتل ثم صار يعتمده؛ ولأنه صار ساعيا في الأرض بالفساد، وكل من كان كذلك يدفع شره بالقتل.

(فروع) نص في الأصل على أن العبد والمرأة في حكم قطع الطريق كغيرهما، أما العبد فظاهر، وأما المرأة فكغيرها في السرقة الكبرى في ظاهر الرواية، وهو اختيار الطحاوي؛ لأن الواجب قطع وقتل، وهي كالرجل في جريان كل منهما عليها عند تحقق السبب منها، وذكر الكرخي: أن حد قطاع الطريق لا يجب على النساء؛ لأن السبب هو المحاربة، والمرأة بأصل الخلقة ليست محاربة كالصبي، ألا يرى أنها في استحقاق ما يستحق بالمحاربة، وهو السهم من الغنيمة لا يساوي بين الرجل والمرأة، فكذا في العقوبة المستحقة بالمحاربة.

ولكن يرد على هذا العبد فإنه لا يساوي الحر في استحقاق الغنيمة ويساويه في هذا الحد. وفي الصبيان والمجانين لعدم أهلية العقوبة، وذلك لا يوجد في النساء. وذكر هشام في نوادره عن أبي يوسف إذا قطع قوم الطريق ومعهم امرأة، فباشرت المرأة القتل وأخذت المال دون الرجال، فإنه يقام الحد عليهم لا عليها، وقال محمد: يقام عليها، ولا يقام عليهم، وذكر ابن سماعة عن محمد عن أبي حنيفة أنه يدرأ عنهم جميعا لكون المرأة فيهم، وجعل المرأة كالصبي. والعجب ممن يذكر هذه. أعني كون المرأة مع الرجال في القطع ثم يقتصر على ذكر الخلاف بين أبي يوسف ومحمد فيها، ويذكر حاصل هاتين الروايتين عنهما، ويترك نقل ما في المبسوط من أنها كالرجال منسوبا إلى ظاهر الرواية مع مساعدة الوجه وورود النقص الصحيح على مختار الكرخي بالعبد كما ذكرنا. وممن نقل ذلك صاحب الدراية وصاحب الفتاوى الكبرى والمصنف في التجنيس وغيرهم مع ضعف الأوجه المذكورة في التفرقة مثل الفرق بضعف البنية في أصل الخلقة، ومثل ذلك من الكلام الضعيف من مصادمته إطلاق الكتاب في