للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشارك في إقصائهم عن تلمس وجه الحق والصواب فيه.

٢ - أنهم عرفوا (الأمي) بأنه: (من لا يقرأ ولا يكتب)، وفي هذا تعميم يبعث على التشويش. فالقراءة قراءتان: قراءة من الحفظ، وقراءة من الكتاب، وقد كان العرب - ومنهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجم غفير من صحابته الكرام - رضوان الله عليهم أجمعين -، إضافة إلى من كان فيهم من الشعراء والخطباء والنبهاء - لا يحسنون في غالبهم القراءة من كتاب، إلا أنهم كانوا يقرءون من حفظهم، وقد شملتهم عبارة (الأمية)، لا لكونهم لا يقرءون إطلاقا، وإنما لكونهم لا يحسنون القراءة من كتاب، ليس غير.

قال ابن تيمية في قوله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ} (١): (هو أمي باعتبار أنه لا يكتب، ولا يقرأ ما في الكتب، لا باعتبار أنه لا يقرأ من حفظه، بل كان يحفظ القرآن أحسن حفظ).

وعليه وجب تحديد التعريف، بأن الأمي: (من لا يكتب، ولا يقرأ من كتاب)، ليكون أكثر دقة، وأبعد عن التعميم المفضي إلى التشويش.

٣ - ثم إذا كانت (الأمية) عند أصحاب المعجم الوسيط لا تعني إلا (الغفلة أو الجهالة)، وإذا كان (الأمي) - عندهم - لا يعني إلا (من لا يقرأ ولا يكتب) أو (العيي الجافي)، فهل يستطيع واحد منهم أن يتجرأ ويحصر تفسير أميته - صلى الله عليه وسلم - أو أمية هذه الأمة المسلمة، بأحد هذه المعاني التي ذكروها؟!


(١) سورة الأعراف الآية ١٥٨