للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب والالتفات إليها بالقلوب؛ فإنها لا تجلب نفعا ولا ضرا، بل السبب والمسبب فعل الله تعالى، والكل منه وبمشيئته، ومتى وقع من المتوكل ركون إلى تلك الأسباب فقد انسلخ عن ذلك الاسم. ثم المتوكلون على حالين: الأول حال المتمكن في التوكل، فلا يلتفت إلى شيء من تلك الأسباب بقلبه، ولا يتعاطاه إلا بحكم الأمر. الثاني: حال غير المتمكن، وهو الذي يقع له الالتفات إلى تلك الأسباب أحيانا غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلمية والبراهين القطعية والأذواق الحالية، فلا يزال كذلك إلى أن يرقيه الله بجوده إلى مقام المتوكلين ويلحقه بدرجات العارفين.

وجاء في شرح العقيدة الطحاوية:

ومما ينبغي أن يعلم ما قاله طائفة من العلماء وهو: أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل والإعراض عن الأسباب كالكلية قدح في الشرع. ومعنى التوكل والرجاء يتألف من وجوب التوحيد والعقل والشرع.

وبيان ذلك أن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه ورجاؤه والاستناد إليه، وليس في المخلوقات ما يستحق هذا؛ لأنه ليس بمستقبل ولا بد له من شركاء وأضداد مع هذا كله. فإن لم يسخره مسبب الأسباب لم يسخر.