للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلاج ومن ثم النهوض والإصلاح، ويمكن إرجاع الأسباب إلى ثلاثة عوام رئيسية:

١ - ضعف الأمة داخليا وفقدانها الثقة بنفسها.

٢ - عجز القيادة في الأمة وعدم قدرتها على ملء الفراغ وانفصالها نفسيا وفكريا وعمليا عن أهداف الأمة عامة.

٣ - تطلع هذه القيادة في كثير من مجتماعتنا لملء هذا الفراغ عن طريق استعارة نماذج الحضارة الغربية في النهوض والإصلاح وفرضها هذه النماذج بالحديد والنار على الأمة.

إن هذه العوامل الثلاثة متداخلة ومتشابكة وكل منها يساعد الآخر ولا يمكن فصلها عن بعضها الآخر. إلا أن السبب الرئيسي يبدأ من ضعف الأمة داخليا وعدم قدرتها على مكافحة أسباب العجز والضعف، ومن ثم تصبح عندها القابلية لتقبل أمراض التخلف والضعف كالجسم العليل الذي تضعف فيه المقاومة فيصبح مرتعا للجراثيم والميكروبات.

وضعف الأمة داخليا، لا يأتي فجأة ولا يحصل بغتة، وإنما هو نتيجة مراحل طويلة وأجيال متعاقبة أهملت فيه الأمة تجديد نفسها، فركنت إلى النوم واستسلمت للأحلام، وعاشت على الذكريات ورضيت بترديدها فأصبحت خارج الأحداث معزولة عن معركة الحياة، فلم تواكب التطورات في الوسائل ولم تواجه التحديات، فضعف فكرها، وسادها الخمود، وعم التقليد، وانتشرت الأمية، وانشغل الناس بالجزئيات، وافتقدوا الوعي بواقعهم والمشكلات التي تواجههم، واستفحل أمر الشهوات والأهواء، ففشا الظلم وظهرت النفعية والانتهازية وأخلاق النفاق، فانحلت رابطة الأمة وانعدم الروح العام الذي يربط بين أبنائها، وأصبح كل إنسان مشغولا بنفسه عن أمته. . وتأخرت الدولة وأجهزتها، وأصبحت غير قادرة على النهوض والعطاء والتجديد. . وبدأ الفراغ الداخلي يعمل عمله في التطلع إلى الأمم الأقوى.

وجاءت الموجة الأوروبية الاستعمارية المتربصة بتفوقها وقدرتها ونهمها وجشعها فأغارت على هذه المجتمعات لتستغل هذه الأمراض المنتشرة وتخترق الحواجز النفسية