للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: "خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف" ١، ٢ أخرجه البخاري ومسلم.


١ قال الحافظ: قال القرطبي: قوله: "خذي" أمر إباحة بدليل قوله: "لا حرج" والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية قال: وهذه الإباحة وإن كانت مطلقة لفظا لكنها مفيدة معنى كأنه قال: إن صح ما ذكرت. قال الحافظ: وقال غيره: يحتمل أن يكون -صلى الله عليه وسلم- علم صدقها فيما ذكرت فاستغنى عن التقييد. قال الحافظ: واستدل بهذا الحديث على مسائل: منها: جواز ذكر الإنسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاستكثار ونحو ذلك، وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة ومنها: جواز ذكر الإنسان بالتعظيم كاللقب والكنية. قال الحافظ: وفيه نظر، لأن أبا سفيان كان مشهورا بكنيته دون اسمه فلا يدل قولها "إن أبا سفيان" على إرادة التعظيم ومنها: جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر. ومنها: أن من نسب إلى نفسه أمرًا عليه فيه غضاضة فليقرنه بما يقيم عذره في ذلك. ومنها: جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والإفتاء عند من يقول إن صوتها عورة ويقول جاز هنا للضرورة. ومنها: أن القول قول الزوجة في قبض النفقة؛ لأنه لو كان القول قول الزوج إنه منفق لكلفت هذه البينة على إثبات عدم الكفاية. وأجاب المازري عنه: لأنه من باب تكليف الفتيا لا القضاء. ومنها: وجوب نفقه الزوجة وأنها مقدرة بالكفاية وهو قول أكثر العلماء وهو قول للشافعي حكاه الجويني والمشهور عن إمامنا الشافعي أنه قدرها بالأمداد فعلى الموسر كل يوم مدان والمتوسط مد ونصف والمعسر مد، وتقريرها بالأمداد، رواية عن الإمام مالك أيضا. انظر/ فتح الباري "٩/ ٤١٩". قال الشيخ النووي: وهذا الحديث يرد على أصحابنا. انظر شرح صحيح مسلم للنووي "٢/ ١١". قال الحافظ ابن حجر: وليس صريحا في الرد عليهم لكن التقدير بالأمداد محتاج إلى دليل، فإن ثبت ثملت الكفاية في حديث الباب على القدر المقدر بالأمداد، فكأنه كان يعطيها وهو موسر ما يعطي المتوسط فأذن لها في أخذ التكملة. ومن الفوائد: اعتبار النفقة بحال الزوجة وهو قول السادة الأصناف، واختار الخصاف منهم أنهم معتبرة بحال الزوجين معا قال صاحب الهداية: وعليه الفتوى والحجة فيه ضم ضم قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية إلى هذا الحديث. وذهبت الشافعية إلى اعتبار حال الزوج تمسكا بالآية وهو قول بعض الحنفية. ومنها وجوب نفقة الأولاد بشرط الحاجة، والأصح عندنا نحن الشافعية اعتبار الصغر أو الذهانة. ومنها: وجوب فقه خادم المرأة على الزوج. قال الخطابي: لأن أبا سفيان كان رئيس قومه ويبعد أن يمنع زوجته وأولاده النفقة، فكأنه كان يعطيها قدر كفايتها وولدها دون من يخدمهم فأضافت ذلك إلى نفسها لأن خادمها داخل في جملتها. قال الحافظ: قلت: ويحتمل أن يتمسك لذلك بقوله في بعض طرقه "إن أطعم من الذي له عيالنا" ومنها: استدل به على وجوب نفقة الابن على الأب ولو كان الابن كبيرا. وتعقب بأنها واقعة عين ولا عموم في الأفعال، فيحمل أن يكون المراد بقولها "بني" بعضهم أي: من كان صغيرا أو كبيرا زمنا لا جميعهم. ومنها: استدل به على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهو قول الإمام الشافعي وجماعة، وتسمى مسألة الظفر، والراجح عندهم لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه. وعن الإمام الأعظم المنع. وعنه: يأخذ جنس حقه ولا يأخذ من غير جنس حقه إلا أحد التقدين بدل الآخر. وعن الإمام مالك ثلاث روايات كهذه الآراء. وعن الإمام أحمد المنع مطلقا. ومنها: أن للمرأة مدخلا في القيام على أولادها وكفالتهم والإنفاق عليهم. ومنها: اعتماد العرف في الأمور التي لا تحديد فيها من قبل الشرع. ومنها: استدل به الشيخ الخطابي على جواز القضاء على الغائب انظر فتح الباري "٩/ ٤١٩-٤٢١". شرح صحيح مسلم للنووي "١٢/ ٧، ٨".
٢ متفق عليه: أخرجه البخاري في البيوع "٤/ ٤٧٣، ٤٧٤". الحديث "٢٢١١". ومسلم في الأقضية "٣/ ٣٣٨". الحديث "٧/ ١٤-١٧".

<<  <   >  >>