للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية. والآية كما قال ابن كثير أعم من ذلك كله, فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل (١) .

وقوله: {يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} (النساء: من الآية ٦١) أي يعرضون عنك إعراضا كالمستكبرين عن ذلك, ويقولون ما ذكر الله عنهم {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَليْهِ آبَاءَنَا} (البقرة: من الآية ١٧٠) وهؤلاء بخلاف المؤمنين الذين قال الله فيهم: {إِنَّمَا كَانَ قَوْل الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (النور: من الآية ٥١) .

وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} (النساء: من الآية ٦٤) أي: فرضت طاعته على من أرسلتهم إليهم, وأوجبت ذلك عليهم, ولكن لا يطيع أحد إلا بإذني, وبتوفيقي ومشيئتي.

وقوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (النساء: من الآية ٦٥) أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور, فما حكم به فهو الحق الذي تنشرح به الصدور, ويجب له في الظاهر والباطن الانقياد, والرضا بما حكم والتسليم وعدم الحرج والانتقاد. فيتلقى بالقبول من غير ممانعة, ولا مدافعة ولا منازعة. ويشهد لهذا ما ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به". (٢)

وسبب نزول هذه الآية كما رواه البخاري عن عروة قال: خاصم الزبير


(١) انظر: تفسير القران العظيم (٢/٣٠٤-٤٠٥) .
(٢) تقدم تخريجه ص٧٧.

<<  <   >  >>