للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رجلا من الأنصار في شراج (١) من الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اسق يا زبير, ثم أرسل إلى جارك" فقال الأنصاري: إن كان ابن عمتك, فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: "اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى ترجع إلى الجدار ثم أرسل الماء إلى جارك" (٢) الحديث.

وقد نزلت في الزبير وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء, فقضى النبي أن يسقي الأعلى ثم الأسفل. (٣)

وهذه الآية أيضا كما ترى صريحة الدلالة على أن من لم يرض بتحكيم سنته فإنه كافر يستوجب القتل؛ لأن من لم يطعه ولم يرض بحكمه لم يقبل رسالته.

قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُ الْهُدَى} (النساء: من الآية ١١٥) أي: ومن سلك غير الطريقة التي أوضحها الرسول, والشريعة التي كل ما سواه غير مقبول, من بعد ما اتضح له الهدى, وتبين له الضلال والردى, {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} وهذا ملازم للصفة الأولى, ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع, وقد تكون المخالفة لإجماع الأمة؛ لأنه كالنص القاطع؛ لأن الله تعالى قد عصمها أن تجتمع على ضلالة, فلا يظهر على أهل الحق أهل الجهالة, ولا يكون الحق مهجورا في جميع الأمصار والأعصار. ومن قال غير هذا فهو مخالف لما صح في الأحاديث والأخبار, وتواترت به الآثار, بل زايغ عن سبيل نبيه المختار. قوله: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} أي نجعله واليا لما تولى من الضلال والآصار,


(١) الشراج هو مسيل الماء والحرة: موضع معروف بالمدينة.
(٢) رواه البخاري (٢٢٣١) ومسلم (٢٣٥٧) .
(٣) وهذا قول سعيد بن المسيب كما رواه ابن أبي حاتم, قال ابن كثير في تفسيره ٢/٣٠٨: "هذا مرسل ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري".

<<  <   >  >>