للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في دفنه بعد تحققهم الموت (١) , وفي قتال أهل الردة (٢) , وغير ذلك دليل على ما ذكرنا, فإذا كان أصحابه أعلم الأنام, بمدارك الأحكام, فكيف يسوغ منهم هذا الاختلاف, وهو حي في قبره كحياته بين أظهرهم؟.

ولما وقع التنازع في بيعة أبي بكر رضي الله عنه, هلا رجعوا في ذلك إليه, وعرضوا ذلك كله عليه, ولم عدلوا إلى الاستشفاع بعده بدعاء عمه العباس (٣) وتركوا سيد الناس؟ وما ذاك إلا لما أتوا من العلم, ومنحوا من الفهم, ورزقوا من الإتباع, وترك الأهواء والابتداع رضي الله عنهم أجمعين.

هذا ما ظهر لي في تحقيق هذه المسألة وتقريرها, وكشف أسرارها وتحريرها, فعض عليها بالنواجذ والأنياب, فإنك قد لا تجده مسطرا في كتاب.

ومن ذلك: تقبيل هؤلاء القبور والطواف بها, والتمسح ببنائها, وأخذ تربتها وأكلها, ونقلها للتبرك, وإيقاد النار والمسرج فيها, وشد الرحيل إليها, وإلقاء الخرق عليها وكل هذا من الأوضاع الجاهلية, التي غيروا بها الحنفية, ووضعوها للات والعزى, ورموا بها نصرا وعزا, حتى ظهر عليهم صلى الله عليه وسلم فلم يبق منهم ركزا, فمن اعتصم بكتاب الله وتمسك بسنة


(١) رواه ابن ماجة (١٦٢٨) وأبو يعلى في مسنده (١/٣١) ورقمه (٢٢) , من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: انظر: السيرة النبوية لابن هشام ٢/٦٢٢-٦٦٤.
(٢) رواه البخاري (١٣٣٥) ومسلم (٢٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٩٦٤) من حديث أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان إذا قحطوا استسقى العباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا, وإنا توسلنا إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون".

<<  <   >  >>