للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة الخبر المتواتر، فإن حقيقته -كما سيأتي - خبر عدد يستحيل على مجموعهم الكذب، وربما كثر العدد وقل بالنسبة إلى هذا أو ذاك لاختلافهم في الوقوف على القرائن المؤثرة في العدد، ولأن تلك القرائن المؤثرة في العدد ربما خفيت على بعض فلا يكفيه عدد يكفي من اطلع على تلك القرائن.

وقد تكون القرينة لازمة وغير لازمة بحسب المواضع، فمن ذلك العدد في رواة الخبر، فإنه ليس لازما للحجية في مطلق الخبر، إذ الخبر يحتج به إذا كان صحيحا وإن لم يروه أكثر من واحد، لكن العدد لازم لحقيقة الخبر المتواتر، وذلك أن تعدد الرواة في الخبر المتواتر قرينة لازمة لحقيقة الخبر المتواتر وهو في مطلق الخبر قرينة غير لازمة. والله تعالى أعلم.

والقرائن قد تفيد القطعية في الدليل من جهة الثبوت وقد تفيدها فيه من جهة الدلالة، أما من جهة الثبوت فذلك أثر القرائن في قطعية خبر الواحد من جهة الثبوت١، وأما من جهة الدلالة فذلك كل ما يذكر من الأمور المفيدة للمراد من الأدلة زيادة على ظهور المعنى حتى يقوى ويصل إلى القطع، كأن تكون صيغة الدليل مثلا ظاهرة في العموم أو في الوجوب أو في النهي ... ويقف الناظر في الدليل على قرائن وشواهد أخرى تقوِّي ظاهر هذه الصيغ حتى يقطع بأن المراد من الدليل ما ظهر منه٢.


١ انظر قطعية خبر الواحد ص (٢٨١.) .
٢ سيأتي - إن شاء الله قريبا - ضرب الأمثلة على ذلك عند ذكر تقسيمات القرائن.

<<  <   >  >>