للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلما علم بذلك الشيخ عجل بالمسير إلى العيينة، فقدم في اليوم الثالث بعد مقتله، وأراد أهل التوحيد وخاصة من اشترك في قتل عثمان ألا يولى عليهم أحد من آل معمر فأبى الشيخ، وأمر مشاري بن معمر، وكان ذلك في منتصف رجب. انتهى. ونحو هذا ورد في "عنوان المجد" لابن بشر١.

لقد مضى الرجل لسبيله، وكما يقال: (الغائب حجته معه) ، ولكنه فتح بكثير من تصرفاته للناقمين عليه أبوابا واسعة للنيل منه، ولا يعنينا الآن إلا أن تبدو الصفحات الأولى من تاريخ الدعوة المباركة ناصعة البياض، وأن لا يتهم دعاتها ومناصروها بتنكرهم لمؤازريهم.

ويكاد متتبع تاريخ القضية أن يجزم بأنه لا يد للشيخ محمد ولا للإمام محمد بن سعود في قتل ذلك الرجل، وأن الأمر وقع في وقت لم تستقر فيه أوضاع الدولة الناشئة، ولم تثبت دعائم الدعوة.

ومن المعروف أن كل حركة من حركات التغيير الاجتماعية يصاحب قيامها فوضى وعدم انضباط في كثير من أمورها قبل استقرارها، وكثيرا ما استغل ذوو الأغراض - من المناصرين لتلك الحركة أو من أعدائها - ذلك لتحقيق أغراضهم.

ولهذا تكررت حوادث مشابهة لحادثة قتل عثمان بن معمر، منها: قتل إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن أمير ضرما سنة ١١٦٤هـ وقتل أمير حريملا محمد بن عبد الله بن مبارك سنة ١١٦٥هـ، وقتل محمد بن فارس وابنه عبد المحسن صاحبا منفوحة بيد ابني زامل بن فارس سنة ١١٧٨هـ، وقتل أمير الفرعة عيبان الناصري سنة ١١٧٩هـ هو وأولاده، ومهما كانت أسباب كل هذه الحوادث فلم تكن بموافقة القائمين بأمور الدعوة.

ويضاف إلى ما تقدم أن أسرة آل معمر قد حدث بينها شقاق حول تولي الإمارة، منذ منتصف القرن الحادي عشر الهجري.


١ ج١ ص٨٩.

<<  <   >  >>