للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباقون فأفتى بكفرهم جميعا.

فلا يأمن الإنسان أن يكون قد صدر منه كلمة كفر أو سمعها وسكت عليها ونحو ذلك فالحذر الحذر أيها العاقلون والتوبة التوبة أيها الغافلون فإن الفتنة حصلت في أصل الدين لا في فروعه ولا الدنيا فيجب أن يكون العشيرة والأزواج والأموال والتجارة والمساكن وقاية للدين وفداء عنه ولا تجعل الدين فداء عنها ووقاية لها.

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤]

فتفطن لها وتأملها فإن الله أوجب أن يكون الله ورسوله والجهاد أحب من تلك الثمانية كلها فضلا عن واحدة منها أو أكثر أو شيء دونها مما هو أحقر١ فليكن الدين عندك أغلى الأشياء وأولادها انتهى المقصود من كلامه:

رحم الله تعالى هذا الإمام ما أبصر والحمد لله الذي جعل في كل زمان من يقول الحق ويرشد إلى الهدى والصدق وتندفع بعمله حجج المبطلين وتلبيس الجاهلين المفتونين.

فيا لها نعمة٢ لا يستطيع من وفق لها أن يقوم بشكرها فما ذاك إلا بتوفيق الله وفضله وإحسانه

وأما هذا المغرور المسكين وأمثاله فإنهم خاضوا في غمرات الافتتان وأ طمأنت قلوبهم إلى أهل الظلم والعدوان وأكثروا التردد إليهم٣ والمسير إليهم طوعا واختيارا وتعرضوا لما في أيديهم من حطام الدنيا سرا وجهارا فأبن القلب المطمئن بالإيمان إذا كان مدعيه يجري مع الهوى في كل ميدان.

فما أشبه حال هذا وأمثاله بالضرب الثاني من الضروب الأربعة الذين ذكرهم العلامة ابن القيم رحمه الله: وهم الذين لهم أوفر نصيب من قوله: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ


١ "ط": أحق.
٢ "ط": من نعمة.
٣ "ط": عليهم.

<<  <   >  >>