للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به كتبه وهو سر الخلق قال تعالى: لنبيه {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} فإسلام الوجه هو إخلاص الأعمال الباطنة والظاهرة كلها لله وهذا هو توحيد الإلهية وتوحيد العبادة وتوحيد القصد والإرادة ومن كان كذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى وهي لا إله إلا الله فإن مدلولها نفي الشرك وإنكاره والبراءة منه وإخلاص العبادة لله وحده وهو معنى قول الخليل {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} وهذا هو الإخلاص الذي هو دين الله الذي لم يرض لعباده دينا سواه كما قال تعالى: {بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} والدين هو العبادة وقد فسره أبو جعفر بن جرير في تفسيره بالدعاء وهو بعض أفراد العبادة كما في السنن من حديث أنس "الدعاء مخ العبادة" وحديث النعمان ابن بشير "الدعاء هو العبادة" أي معظمها وذلك أنه يجمع من أنواع العبادة أمورا سنذكرها إن شاء الله تعالى وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} والدعاء في هذه الآية هو الدعاء بنوعيه دعاء العبادة ودعاء المسألة وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} والحنيف هو الراغب عن الشرك المنكر له وقد فسره ابن القيم رحمه الله: بتفسير شامل لمدلول لاإله إلا الله فقال: الحنيف المقبل على الله المعرض عن كل ما سواه وهذا التوحيد هو الذي أنكره أعداء الرسل من أولهم إلى آخرهم وقد بين تعالى ضلالهم بالشرك كما قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ ِلأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُورًا} وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهذا المذكور في هذه الآية هو توحيد الربوبية ومشركو العرب والأمم لم يجحدوه بل أقروا به لله فصار حجة عليهم فيما جحدوه من توحيد الالهية ولهذا قال بعد هذه الآية {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ

<<  <   >  >>