دُونِ اللَّهِ مَنْ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} وقال تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا بل القرآن من أوله إلى آخره يدل على هذا التوحيد مطابقة وتضمنا والتزاما وهو الدين الذي بعث به المرسلين من أولهم إلى آخرهم كما قال تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ} فدلت هذه الآية وما قبلها على أن الله تعالى إنما أدار من عباده أن يخلصوا له العبادة وهي أعمالهم ونهاهم أن يجعلوا له شريكا في عباداتهم وإرادتهم التي لا يستحقها غيره كما تقدم قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} وقال تعالى: {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ} وقال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا ِلأَبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لاَ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} والمراد تطهيره عن الشرك في العبادة ولهذا قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} وقد بين الله تعالى في مواضع من القرآن معنى كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله" ولم يكل عباده في بيان معناها إلى أحد سواه وهو صراطه المستقيم كما قال "وأن اعبدوني هذا صراط المستقيم" وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ِلأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ*إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ*وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} فعبر عن لا إله بقوله: "إنني براء مما تعبدون" وعبر عن معنى إلا الله بقوله: إلا الذي فطرني فتبين أن معني لا إله إلا الله هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى كما تقدم وهذا واضح بين لمن جعل الله له بصيرة ولم تتغير فطرته فلا يخفى إلا على من عميت بصيرته بالعوائد الشركية وتقليد من خرج عن الصراط المستقيم من أهل الأهواء والبدع والضلال ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. وقال تعالى: في بيان معناها {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى