كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه} ِ والمعنى أي بعض كان من نبي أو غيره كالمسيح ابن مريم ولعزير ونحوهما وفي قوله:{أَلاَّ نَعْبُدَ} معنى "لا إله" وقوله: إلا الله هو المستثنى في كلمة الإخلاص وهذا التوحيد هو الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب وغيرهم من الإنس والجن كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} وقد قال تعالى: في معنى هذه الكلمة عن أصحاب الكهف {وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ} ففي قولهم: وإذ اعتزلتموهم معنى لا إله وقولهم: إلا الله المستثني في كلمة الإخلاص وقال تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا} إلى قوله: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} فتقرر بهذه أن الإلهية هي العبادة وأن من صرف منها شيئا من لغير الله قد جعله لله ندا والقرآن كله في تقرير معنى لا إله إلا الله وما تقتضيه وما تستلزمه وذكر ثواب أهل التوحيد وعقاب أهل الشرك ومع هذا البيان الذي ليس فوقه بيان كثر الغلط في المتأخرين من هذه الأمة في معنى هذه الكلمة وسببه تقليد المتكلمين الخائضين فظن بعضهم إن معنى لا إله إلا الله إثبات وجود الله تعالى ولهذا قدروا الخبر المحذوف في لا إله إلا الله إله موجود إلا الله ووجوده تعالى قد أقربه المشركون الجاحدون لمعنى هذه الكلمة وطائفة ظنوا أن معناها قدرته على الاختراع وهذا معلوم بالفطرة وما يشاهد من عظيم مخلوقات الله كخلق السموات والأرضى وما فيها من عجائب المخلوقات وبه إستدل الكليم موسى عليه الصلاة والسلام على فرعون لما قال: "وما رب العالمين قال رب السموات والأضى وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب الأولين" وفي سورة بني إسرائيل "لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرضى بصائر" ففرعون يعرف الله ولكن جحده مكابرة وعنادا وأما غير فرعون من أعداء الرسل من قومهم ومشركي العرب ونحوهم فاقروا بوجود الله تعالى وربوبيته كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} فلم يدخلهم ذلك في