للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعليه بالتمسك بالوحين الذين هما حبل الله وليدع عنه بنيات الطريق كما قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم الصراط المستقيم وخط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال: "هذه هي السبل وعلى كل سبيل شيطان يدعوا إليه" والحديث في الصحيح وغيره عن عبد الله ابن مسعود وكل من زاغ عن الهدى وعارض أدلة الكتاب والسنة بزخرف أهل الأهواء فهو الشيطان.

فصل

والعاقل إذا تأمل ما عارض به أولئك الدعاة إلى الشرك بالله في عبادته كابن كمال وغيره دعاء الناس إلى إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له فالعاقل يعلم أن معارضتهم له قد اشتملت على أمور كثيرة منها.

"الأمر الأول" أنهم أنكروا ما جاءت به الرسل من توحيد العبادة وما نزلت فيه الكتب الإلهية من هذا التوحيد فهم في الحقيقة إنما عابوا الرسل والكتب المنزلة عليهم من عند الله.

"الأمر الثاني" تضمنت معارضتهم قبول الشرك الأكبر ونصرته وهو الذي أرسل الله رسله وأنزل كتبه بالنهي عنه وقد خالفوا جميع الرسل والكتب فهم في الحقيقة قد أنكروا على من دان بهذا التوحيد ودعا إليه من الأولين والآخرين.

"الأمر الثالث" وقد تضمنت معارضتهم أيضا مسبة من دعا إلى التوحيد وأنكر الشرك أسوة بأعداء الرسل كقوم نوح إذ قالوا {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} وقال قوم هود {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ} وقول من قال من مشركي العرب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} فالظلم والزور في كلام هؤلاء المنكرين للتوحيد أمر ظاهر يعرفه كل عاقل منصف فقد تناولت مسبتهم كل من دعا إلى الإسلام وعمل به من الأولين والآخرين كما أن من كذب رسولا فيما جاء به من الحق فقد كذب

<<  <   >  >>