وأما القياس الصحيح فعند بعض العلماء حجة إذا لم يخالف كتابا ولا سنة فإن خالف نصا أو ظاهرا لم يكن حجة وهذا هو الذي أجمع عليه العلماء سلفا وخلفا وتفصيل ذلك في كتب أصول الفقه وأما قوله: صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "وكفر بما يعبد من دون الله" فهذا شرط عظيم لا يصح قول لا إله إلا الله معصوم الدم والمال لأن هذا هو معنى لا إله إلا الله فلم ينفعه القول بدون الإتيان بالمعنى الذي دل عليه من ترك الشرك والبراءة منه وممن فعله فإذا أنكر عبادة كل ما يعبد من دون الله وتبرأ منه وعادى من فعل ذلك صار مسلما معصوم الدم والمال وهذا معنى قول الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وقد قيدت لا إله إلا الله في الأحاديث الصحيحة بقيود ثقال لا بد من الإتيان بجميعها قولا واعتقادا وعملا فمن ذلك حديث عتبان الذي في الصحيح "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" وفي أحاديث أخر "صدقا من قلبه مستيقنا بها قلبه –غير شاك" فلا تنفع هذه الكلمة قائلها إلا بهذه القيود إذا اجتمعت له مع العلم بمعناها ومضمونها كما قال تعالى: {وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} وقال تعالى: لنبيه صلى الله عليه وسلم {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} فمعناها يقبل الزيادة لقوة العلم وصلاح العمل فلا بد من العلم بحقيقة معنى هذه الكلمة علما ينافي الجهل بخلاف من يقوله: اوهو لا يعرف معناها ولا بد من اليقين المنافي للشك فيما دلت عليه من التوحيد ولا بد من الإخلاص المنافي للشرك فإن كثيرا من الناس يقوله: اوهو يشرك في العبادة وينكر معناها ويعادي من اعتقده وعمل به ولا بد من الصدق المنافي للكذب بخلاف حال المنافق الذي يقوله: امن ير صدق كما قال تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} ولا بد من القبول المنافي للرد بخلاف من يقوله: اولا يعمل بها ولا بد من المحبة لما دلت عليه من التوحيد والإخلاص وغير ذلك والفرح بذلك المنافي لخلاف هذين الأمرين ولا بد من الانقياد بالعمل بها وما دلت عليه مطابقة وتضمنا والتزاما وهذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه وأنت