إذا عرفت ذلك وما في معناه من الآيات المحكمات فهذه الشبهات التي أعتمدها كثير من جملة المشركين كلها باطلة تصادم كتاب الله وسنة رسوله وأول من زخرف هذه الشبهات وزين للجهال التعلق على الأموات زنادقة الفلاسفة الكفار الدعاة إلى الخلود في عذاب النار كابن سينا والفارابي فإنهم أدخلوا على كثير ممن ينتسب إلى العلم كثيرا من الفلسفة وزخرفوا هذه الشبهات التي صارت في أيدي المشركين وحاولوا بها إبطال ما في الكتاب والسنة من توحيد المرسلين وخالص حق رب العالمين فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا فمن التفت إلى الأموات يستمد منهم نفعا وتبركا بهم فقد اتخذهم أربابا من دون الله قال الله تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} إلى قوله: {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} وقد أخبر تعالى عن عيسى ابن مريم أنه قال: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وهو دليل على أن من مات فلا اطلاع له على الأحياء ولا علم له بهم١ فكيف يدعو من لا يعلم ماله ولا يدري ما يفعله وما يقوله: وقد تقدم في الآيات المحكمات مايدل على ذلك وأن المدعو لا يسمع ولا يستجيب فما هذه التعلقات الشركية التي هي أضل الضلال وأمحل المحال الا من وحي الشيطان وزخرفة أعداء المرسلين كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا
١ إذا كان هذا قول عيسى وقد رفعه الله حيا فكيف بالأموات.