يَفْتَرُونَ} وكل هذه التعلقات على الأموات والغائبين هي أعمال الشرك من المشركين قديما وحديثا وهو شرك قوم نوح لما صوروا الأصنام على صور صالحيهم قال من بعدهم: ما عظم أولنا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم فعبدوهم أي بطلب الشفاعة منهم واستمداد البركة بهم وهذا هو شرك العالم وهم في آخر هذه الأمة أشد وأعظم فاستمسك بأدلة القرآن وسبيل أهل الإيمان.
وقد عرفت أن عبادة الأشجار والقبور والأحجار بدعائهم لها باستمداد البركة منها في زعمهم أنه أبطل الباطل وأمحل المحال كما دل عليه الكتاب والسنة.
وهذا الجواب يكفيك عما تقدم من السؤالات فكل ما كان يفعل عند القبور من التعظيم لها ولأربابها وقصدها والتبرك بها والدعاء عندها أولها كل هذا شرك وضلال.
فتأمل قوله: عن خليله عليه السلام {يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ*إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} والحنيف هو المقبل على الله المعرض عن كل ما سواه فهذه الأدلة التي ذكرنا تبطل كل ما تعلق به المشركون مما كانوا يفعلونه مع العزى ومناة ومن إدعى جواز شيء من ذلك أو أنه يحتمل الجواز فيطالب بالدليل من كتاب الله وسنة رسوله على أن هذا جائز ولا يخفي أنه ينافي الإخلاص لما فيه من الإقبال على غير الله والرغبة إليه وجلب النفع والدفع منه وكل هذا مردود بالآيات المحكمات والأحاديث الصحيحة كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله" وكل ما كان يفعل هؤلاء مع الأموات فليس فيه مستحب ولا مباح إلا زيارة القبور من غير شد رحل لتذكر الآخرة والاستعداد لما بعد الموت من الإخلاص والعمل المشروع من غير تحر لإجابة الدعاء عندها والصلاة إليها ولو كانت لله فهذا محرم سدا لذريعة الشرك وحماية لجناب التوحيد.