أقول لا ريب أن المطابقة وقعت منه ولا بد لكنها في المنهي عنه لا في النهي فالذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الاطراء طا بقته الأبيات من قوله:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
فقد تضمنت غاية الاطراء والغلو الذي وقعت فيه النصارى وأمثالهم فإنه قصر خصائص الالهية والربوبية التي قصرها الله على نفسه وقصرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرفها لغير الله فإن الدعاء مخ العبادة واللياذ من أنواع العبادة وقد جمع في أبياته الاستعانة والاستغاثة بغير الله والالتجاء والرغبة إلى غير الله فإن غاية ما يقع من المستغيث والمستعين والراغب إنما هو الدعاء واللياذ بالقلب واللسان وهذه هي أنواع العبادة ذكرها الله تعالى في مواضع كثير من كتابه وشكرها لمن قصرها على الله ووعده على ذلك الاجابة والانابة.
فهذا هو الدين الذي بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأمره أن يقول لهم {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} فقصر الدعاء على ربه الذي هو توحيد الالهية وقال: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} إلى آخر الآيات وهذا هو توحيد الربوبية فوحد الله في الهيته وربوبيته وبين للأمة ذلك كما أمره الله تعالى وقال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} ,