للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمان آل الشيخ رحمه الله:" ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة قد يراد بها مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة، وقد يراد مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين والثاني لا يحمل عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية، وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي وتفسير السنة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} " (١) .

ويقول ابن القيم رحمه الله:" اللفظ الذي اطرد استعماله في معنى هو ظاهر فيه، ولم يعهد استعماله في المعنى المؤول أو عهد استعماله فيه نادرا، فحمله على خلاف المعهود من استعماله باطل، فإنه يكون تلبيسا يناقض البيان والهداية" (٢) .

أقول: هذا الكلام ينطبق تماما على لفظ الكفر الذي نحن بصدده، إذ هذا اللفظ ظاهر في المعنى الحقيقي الراجح وهو الكفر الأكبر المخرج من الملة، مع احتماله للمعنى المجازي المرجوح وهو الكفر الأصغر (٣) ، ثم إن الغالب في استعمال الشارع هو المعنى الأول، فلا يصح إذن حمل اللفظ على المعنى المرجوح إلا بقرينة.

ثم هنا قاعدة أخرى أذكرها لعموم الحاجة إليها، وهي أن الكفر إذا ورد – في نصوص الكتاب والسنة- معرفا بدخول "ال" عليه، فإنه لا يراد به إلا الكفر الأكبر المخلد في النار، وأما إن ورد منكرا فإنه محتمل لمعنيي الكفر الأكبر والأصغر، مع كون الأول الأصل عند الإطلاق كما سبق بيانه.


(١) - الرسائل المفيدة للشيخ عبد اللطيف: ٢١-٢٢، كما نقله صاحب الجامع: ٢/٨٣١.
(٢) - مختصر الصواعق المرسلة: ١/٤٧.
(٣) - الظاهر هو اللفظ الذي يفيد معنى راجحا مع احتماله لآخر مرجوح، كالأسد. انظر المحلي على جمع الجوامع: ١/٢٣٧.

<<  <   >  >>