للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبعبارة أخرى، فإن التكفير المطلق لا يستلزم دائما تكفير المعين، أو قل إن من وقع في الكفر لم يستلزم ذلك أن يكون الكفر قد وقع به.

وقد أدى الجهل بهذه القاعدة بكثير من الناس إلى الوقوع في أنواع من التخبيط والتخليط. فتجد أكثرهم إذا سمع من يقول عن فعل من الأفعال يرتكبه بعض الأشخاص: إنه كفر، فهم من ذلك تكفير القائل لهؤلاء الأشخاص بأعيانهم! وترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه. والله المستعان.

وأما أدلة هذه القاعدة فكثيرة، وسيأتي ذكر عدد منها مفرقة عند الكلام على موانع التكفير. وإنما أكتفي هنا بنقل كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الباب.

يقول رحمه الله:" ... والأصل الثاني أن التكفير العام – كالوعيد العام – يجب القول بإطلاقه وعمومه. وأما الحكم على المعين بأنه كافر، أو مشهود له بالنار فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه، وانتفاء موانعه" (١) .

ويقول أيضا:" وكنت أبين لهم أنما نقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضا حق، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين، من فعل كذا فله كذا، وهي منزلة قول من قال من السلف من قال كذا فهو كذا، ثم الشخص المعين يلتغي حكم الوعيد فيه بتوبة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مقبولة" (٢) .


(١) - مجموع الفتاوى: ١٢/٤٩٨.
(٢) - مجموع الفتاوى: ٣/٢٣٠، وتنبه إلى أن الموانع المذكورة في كلام شيخ الإسلام – غير التوبة – خاصة بالذنوب والمعاصي التي هي دون الكفر، أما موانع التكفير المعتبرة فسيأتي ذكر أهمها في محلها.

<<  <   >  >>