للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ب-بحقوق الله عز وجل، فالأصل أنه غير مكلف لأن حقوق الله مبنية على المسامحة. وهذا مثل الإكراه على النطق بكلمة الكفر. والدليل قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} . وكذلك قوله عز وجل: {لَا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} . قال ابن عباس: التقاة: التكلم باللسان، وقلبه مطمئن بالإيمان (١) .

وجاء في الحديث: " إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" (٢) . وقصة عمار بن ياسر، عندما أكره تحت طائلة العذاب على النطق بكلمة الكفر، مشهورة في السيرة.

وعليه فمن أظهر الكفر مكرها بلسانه أو جوارحه، وقلبُه مطمئن بالإيمان، فليس عليه من حرج، وهو معذور بسبب الإكراه.

هذا وقد ذكر العلماء شروطا للعذر بالإكراه. قال الحافظ في الفتح: " وشروط الإكراه أربعة:

- أن يكون فاعله قادرا على إيقاع ما يهدد به والمأمور عاجزا عن الدفع ولو بالفرار.

- أن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك.

- أن يكون ما هدده به فوريا، فلو قال إن لم تفعل كذا ضربتك غدا لايعد مكرها، ويستثنى ما إذا ذكر زمنا قريبا جدا أو جرت العادة بأنه لا يخلف.

- أن لايظهر من المأمور ما يدل على اختياره كمن أكره على الزنا فأولج وأمكنه أن ينزع ويقول أنزلت، فيتمادى حتى ينزل " (٣) .

كما أن حد الإكراه يختلف الحكم فيه باختلاف النظر في ثلاثة أمور هي (٤) :

١- حال المكرَه (بفتح الراء) .


(١) - تفسير الطبري: ٣/٢٢٨.
(٢) - سبق تخريجه.
(٣) - فتح الباري: ١٢/٣٨٥.
(٤) - انظر " ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة ": ٢٧٨.

<<  <   >  >>