فأما حال المكرَه فلأن الناس يختلفون في قدرات تحملهم، وفي مكانتهم في المجتمع، وما يترتب على إجابتهم من نتائج على الأمة. لذلك لما سئل الإمام أحمد عن العالم وهل له أن يأخذ بالتقية في فتواه أجاب:" إذا أجاب العالم تقية، والجاهل بجهل فمتى يتبين الحق؟ ". فتأمل مقدار فهم هذا الإمام العظيم للأمانة الجسيمة الملقاة على عاتق العلماء، وقارن هذا الموقف الرباني بما يقع فيه كثير من العلماء المعاصرين من تهافت على موائد السلطان، وتكالب على فتات الدنيا، وتطويع للنصوص والقواعد الشرعية الراسخة للأهواء والأمزجة. وصدق عبد الله بن المبارك رحمه الله حين قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك ... ... وأحبار سوء ورهبانها
وأما حال من وقع منه الإكراه فلأن هنالك فرقا بين من يستطيع تنفيذ الوعيد بأن كان ذا سلطان أو من في حكمه وبين من يُعلم عن طريق العادة أنه يكتفي بالتهديد دون تنفيذ.