للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد دلت أدلة كثيرة على هذا الأصل العظيم الذي ذكرته. فمنها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} . ومثل هذه الآية قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .

والآيتان ظاهرتان في وجوب التبين والتثبت، وعدم التسرع في إصدار الحكم على الناس. وبالجملة، فالأدلة على هذا المعنى كثيرة جدا.

أما القاعدة التي ذكرتها في النظم وهي أن" من كفر مسلما فقد كفر"، فهي قاعدة صحيحة إجمالا إذا روعي في تنزيلها على الأعيان مجموعة من القيود والتخصيصات.

وأصل هذه القاعدة، قوله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما" (١) ، وقوله كذلك:" أيما امرىء قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت" (٢) ، وقوله: " من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه" (٣) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" أيما رجل مسلم أكفر رجل مسلما فإن كان كافرا، وإلا كان هو الكافر" (٤) .


(١) - رواه مسلم في الإيمان برقم: ٦٠ (ص٥٦) .
(٢) - رواه البخاري في الأدب-باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم: ٦١٠٤ (ص١١٧٨) ، ولفظ: "إن كان كما قال وإلا رجعت" عند أحمد في مسند المكثرين برقم: ٤٧٩٢.
(٣) -رواه مسلم في الإيمان برقم: ٦١ (٥٧) .
(٤) - رواه أبو داود في السنة-باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، برقم: ٤٦٨٧ (٢/٤٠٩) .

<<  <   >  >>