للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(ويحرم) على المسلمين (التكفير بالمآل) وسيأتي تعريفه، و (كذا) يحرم التكفير (الذي) هو (بلازم الأقوال) وسيأتي بيانه أيضا، و (كذاك

ذكرت في هذين البيتين ثلاث مسائل متعلقة بموضوع التكفير وهي: التكفير بالمآل، والتكفير بلازم القول، والتكفير بالفعل المحتمل.

المسألة الأولى: التكفير بالمآل.

المقصود بالتكفير بالمآل هو التكفير بما يؤول إليه اللفظ، وما يرجع إليه القول، ومعنى ذلك أن يقول قولا يؤدي - عن طريق مجموعة من الوسائط الاستدلالية - إلى ما هو كفر صريح. فهذا القائل لايجوز تكفيره، إذا كان لايقول بما يؤديه إليه قوله، وهذا حال كثير من أهل البدع والأهواء، كما لايخفى على المتتبع.

يقول ابن حزم رحمه الله:" وأما من كفر الناس بما تؤول إليه أقوالهم فخطأ، لأنه كذب على الخصم، وتقويل له ما لم يقل به، وإن لزمه فلم يحصل على غيرالتناقض فقط، والتناقض ليس كفرا بل قد أحسن إذ قد فر من الكفر" (١) .

ويقول الشاطبي في الاعتصام:" والذي كنا نسمعه من الشيوخ أن مذهب المحققين من أهل الأصول:" أن الكفر بالمآل ليس بكفر في الحال"، كيف والكافر؟ ينكر ذلك المآل أشد الإنكار، ويرمي مخالفه به" (٢) .

وعلى العموم، فعدم جواز التكفير بالمآل مما لاينبغي أن يقع حوله أدنى خلاف، وكل ظواهر الشرع صريحة في أن المؤاخذة لاتكون إلا بما يقع به التصريح قولا أو فعلا.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه المسألة هي غير المسألة الأخرى التي يذكرها العلماء بقولهم:" من نوى الكفر في المآل كفر في الحال"، فإن هذه الأخيرة قاعدة صحيحة، أكْثرَ أهل العلم من استعمالها والإشارة إليها فيما دونوه حول الردة وأحكام المرتد، من كتب الفقه.

المسألة الثانية: التكفير بلازم القول.


(١) - الفصل: ٢/٢٦٩.
(٢) - الاعتصام: ٢/١٩٧.

<<  <   >  >>