للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

معنى اللازم هو ما يمتنع انفكاكه عن الشيء، واللازم البين هو الذي يكفي تصوره مع تصور ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما، وأما غير البين فهو الذي يفتقر جزم الذهن باللزوم بينهما إلى وسط.

والحق أن الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها دقيق جدا، ويعسر إيجاد الأمثلة المبينة لهذا الفرق. لذلك لم يفرق بينهما كثير من أهل العلم، فعبروا باللازم عن المآل وبالعكس. ولكن التأمل في التعريفين اللذين ذكرت آنفا، يجعلنا نجزم بالفرق مع إقرارنا بدقته وغموضه.

ولاشك أن التكفير بلازم القول نوع من الافتراء والبهتان الذي ينبغي التنزه عنه لمصادمته لبدهيات العقول، ولرواسخ القواعد الشرعية، وإن كان بعض الأصوليين يرجح أن لازم المذهب مذهب، على عادتهم في التأصيل النظري المستند على الأدلة العقلية المجردة بعيدا عن تطبيقها الفقهي الواقعي. والحق خلاف هذا القول، كما يقول الشاطبي رحمه الله:" ولازم المذهب: هل هو مذهب أم لا؟ هي مسألة مختلف فيها بين أهل الأصول، والذي كان يقول به شيوخنا البجائيون والمغربيون ويرون أنه رأي المحققين أيضا أن لازم المذهب ليس بمذهب، فلذلك إذا قرر عليه، أنكره غاية الإنكار" (١) .

ويقول الشيخ عبد الرحمان بن ناصر السعدي رحمه الله:" والتحقيق الذي يدل عليه الدليل أن لازم المذهب الذي لم يصرح به صاحبه ولم يشر إليه، ولم يلتزمه ليس مذهبا، لأن القائل غير معصوم، وعلم المخلوق مهما بلغ فإنه قاصر، فبأي برهان نلزم القائل بما لم يلتزمه، ونقوله ما لم يقله، ولكننا نستدل بفساد اللازم على فساد الملزوم، فإن لوازم الأقوال من جملة الأدلة على صحتها وضعفها وعلى فسادها، فإن الحق لازمه حق، والباطل يكون له لوازم تناسبه " (٢) .


(١) - الاعتصام: ٢/٥٤٩.
(٢) - توضيح الكافية الشافية: ١١٣.

<<  <   >  >>