للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تفصيل طيب في هذه المسألة، وحاصله أنه ينبغي التفصيل بين الحالات التالية (١) :

الحالة الأولى: أن يكون اللازم حقا، فهذا يجب عليه التزامه، ولا مانع من إضافته إليه إذا علم من حاله أنه لايمتنع من التزامه.

الحالة الثانية: أن يكون اللازم باطلا ويلتزمه فهو يعد قولا له.

الحالة الثالثة: أن يكون باطلا، فإذا ذكر له منع التلازم بينه وبين قوله، فهذا لاتجوز إضافته إليه لأن ذلك يكون كذبا عليه.

الحالة الرابعة: أن يكون اللازم الباطل مسكوتا عنه، فحكمه أن لاينسب إلى القائل، لتطرق الاحتمال إلى إمكانية التزامه هذا القول. والله أعلم.

المسألة الثالثة: التكفير بالفعل المحتمل

الأفعال المحتملة هي الأفعال التي ليست صريحة في دلالتها على الكفر، ودخول الاحتمال فيها يسقطط الاستدلال بها على كفر صاحبها. ومن هذه الأفعال ما ذكره البخاري في صحيحه، وترجم له بقوله:" باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله" (٢) . فمن صلى إلى القبلة وأمامه شيء مما يعبد ويشرك به كالنار والصنم والقبر، لايكفر يمجرد ذلك، حتى ينظر في قصده، هل يقصد الصلاة لله جل ذكره، أم لذلك المخلوق؟

ولما كانت هذه الأفعال المحتملة غير ظاهرة في الكفر أو عدمه، احتيج إلى ترجيح أحد الطرفين بمرجح معتبر في الشرع، كأن يُسأل الفاعل عن قصده ونيته، وهذا أظهر المرجحات وأحوطها في هذه المسائل الخطيرة التي يترتب عليها آثار وخيمة في الواقع.


(١) - انظر "نواقض الإيمان القولية والعملية": ٨٤، مع تصرف يسير، وكلام شيخ الإسلام موجود في مجموع الفتاوى: ٢٠/٢١٧-٢١٩ وفي ٥/٢٠٦-٢٠٧.
(٢) - فتح الباري: ١/٦٩٤.

<<  <   >  >>