للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويوضح شيخ الإسلام هذه القاعدة بقوله: «إن كل من لم يقر بما جاء به الرسول فهو كافر، سواء اعتقد كذبه، أو استكبر عن الإيمان به، أو أعرض عنه اتباعا لما يهواه، أو ارتاب فيما جاء به، فكل مكذب بما جاء به فهو كافر، وقد يكون كافرا من لا يكذبه إذا لم يؤمن به» (١) .

وواضح أن كلام شيخ الإسلام هو في الرد على المرجئة الذين يشترطون للحكم بالكفر في الدنيا، تحقق وجود التكذيب القلبي. وهذا مفرع عن مذهبهم في الإيمان من أنه يرادف التصديق، فلأجل ذلك لا يكون الكفر عندهم إلا بالتكذيب. ومثلهم الجهمية في اشتراطهم الجهل لأن الإيمان عندهم هو المعرفة.

وإنما أوردت هذه المسألة في النظم، وشرحتها بشيء من التفصيل هنا، لرد هذه الشبهة الإرجائية- أعني عدم التفريق بين نوع الكفر وسببه- فإنها من الشبه القديمة التي أحياها مرجئة العصر. فتنبه لذلك، وشد على هذه القاعدة بالنواجذ لتسلم من خلط الملبسين وزيغ المضللين.

قلت في النظم:

فليس محصورا في الاعتقاد

وهل ترى خبيئة الفؤاد؟

الشرح:

لما ذكرت في البيت السابق أن الكفر يكون بقول مكفر أو عمل مكفر، ذكرت في هذا البيت الرد على شبهة المرجئة المعروفة بجعلهم الكفر الذي به تحصل المؤاخذة في الدنيا اعتقاديا فقط، فقلت (فليس) الكفر الأكبر المخرج من الملة (محصورا في الاعتقاد) القلبي كما يزعمه المرجئة، ثم أوردت عليهم إنكارا في صيغة سؤال فقلت: (وهل ترى خبيئة) ...................................


(١) - مجموع الفتاوى: ٣/٣١٥.

<<  <   >  >>