ولما ولد له نوح عليه السلام والملك يومئذ درمشيل به يمحويل بن خنوخ ابن يحمور بن قابيل بن آدم عليه السلام، وكان قد تجبر وقهر الملوك على ما تقدم، لكنا نعيد ذكره هنا لما ورد في هذا الخبر من الزيادة والاستقصاء.
وكان إبليس قد استمال الملك ودعاه إلى عبادة الكواكب ودين الصابئة، وقال له هو دين أجدادك، فأجابه وعمل له الشيطان هياكل واصناماً
عبدوها.
ويقال إنه له يستخرج أحد من المعادن والجوهر واللؤلؤ والمرجان أكثر مما كان في وقت الدرمشيل، وكان شديداً على نوح والله تعالى يحفظه منه وعاش الملك ثلثمائة سنة.
ونبأ الله تعالى نوحا عليه السلام وهو ابن مائة وخمسين سنة وارسله الى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان مائة سنة، وكان أول نبي بعد إدريس عليهما السلام.
وكانت شريعته التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج وجهاد الأعداء، فدعا قومه الى الله تعالى وحذرهم عذابه، وكلما قام فيهم ودعاهم عنفوه وحذروه وأخفوا أمره عن الملك، وكان يحضر هياكلهم وبيوت أصنامهم، فاذا قال لهم قولوا لا إله إلا الله وأني عبد الله ورسوله جعلوا أصابعهم في آذانهم وادخلوا رؤوسهم في ثيابهم تبرءاً مما يقول.
ولما قال لهم يوماً قولوا لا إله إلا الله وقعت الأصنام على وجوهها فقاموا اليه فضربوه حتى سقط على وجهه، وعرف الملك خبره فأحضره وقال له ما هذا الذي بلغني عنك من مخالفتك لديني وما عليه بنو أبيك وسبك لآلهتنا؟ وما هذا السحر الذي اسقطت به الأصنام عن كراسيها؟ ومن الذي علمك ذلك؟